بين الإصرار والاتزان… مسار ديمقراطي يرسم ملامح المرحلة المقبلة

phplove llمنذ ساعتينآخر تحديث :
بين الإصرار والاتزان… مسار ديمقراطي يرسم ملامح المرحلة المقبلة

بين الإصرار والاتزان… مسار ديمقراطي يرسم ملامح المرحلة المقبلة

 

بقلم: هادي جلو مرعي

 

مع اقتراب الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة، تبدو الساحة السياسية أمام اختبار جديد يحدد شكل المرحلة القادمة، ويعيد ترتيب موازين القوى في البلاد. وبين ما يشهده المشهد من تنافس محتدم وتعدد في الخطابات، يبرز الحزب الديمقراطي الكردستاني بنهجه المتزن كأحد أهم القوى التي اختارت طريق الإصرار الهادئ والعمل المنهجي لبناء مرحلة سياسية أكثر استقرارًا وتوازنًا.

 

لقد أثبت الحزب، عبر تاريخه الطويل، أنه ليس حزبًا موسمياً يتحرك في أوقات الانتخابات فحسب، بل هو مؤسسة سياسية راسخة تمتلك رؤية واضحة وإرثًا من التجربة في إدارة الملفات الوطنية والإقليمية. فبينما تتقاطع المصالح وتتبدل التحالفات، يحافظ الحزب الديمقراطي الكردستاني على نهجه القائم على الحوار والشراكة، واضعًا مصلحة المواطن والاستقرار العام فوق كل اعتبار.

 

يدخل الحزب الانتخابات المقبلة تحت شعار “الشراكة والتوازن والتوافق”، وهو شعار يعكس فلسفة الحزب في إدارة العمل السياسي، ويعبّر عن رغبته في بناء عراق تتكامل فيه المكونات وتتوازن فيه الصلاحيات، بعيدًا عن منطق الإقصاء والمغالبة. وقد نجح الحزب في أن يترجم هذا الشعار إلى خطوات عملية، من خلال ضم شخصيات من العرب والتركمان إلى صفوفه الانتخابية، ما أعطى صورة واقعية عن انفتاحه ورؤيته الوطنية الجامعة.

 

رغم التحديات التي فرضها قانون الانتخابات الجديد بنظام “سانت ليغو”، فإن الحزب تعامل مع المتغيرات السياسية بوعي ومسؤولية، معتمدًا على تنظيمه القوي وقاعدته الجماهيرية الواسعة التي تمتد من أربيل ودهوك إلى المناطق المتنازع عليها. هذا الحضور الميداني الثابت يمنحه حظوظًا كبيرة في الحفاظ على موقعه الريادي وربما تحقيق تقدم نوعي في تمثيله النيابي داخل البرلمان العراقي المقبل.

 

كما أن العلاقة المتوازنة التي ينتهجها الحزب مع بغداد تمثل نقطة قوة في أدائه السياسي. فالحزب يتبنى نهج التفاهم في معالجة الملفات الخلافية، مؤمنًا بأن الحوار هو السبيل الأمثل لبناء دولة مؤسسات حقيقية، تحترم الدستور وتضمن الحقوق لجميع المكونات. هذا الخطاب الواقعي أكسبه احترام القوى السياسية العراقية، وجعله شريكًا موثوقًا في أي حوار وطني.

 

في المشهد العام، يبدو الحزب الديمقراطي الكردستاني اليوم أكثر نضجًا وثقة من أي وقت مضى، فهو لا يخوض الانتخابات بروح المنافسة فقط، بل بروح المسؤولية الوطنية، مدركًا أن التوازن السياسي في العراق لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال شراكة حقيقية بين الإقليم والمركز.

 

إن الإصرار على الثوابت، إلى جانب الاتزان في المواقف، يمثلان جوهر المسار الذي يسلكه الحزب الديمقراطي الكردستاني في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البلاد. فبينما تتصاعد الأصوات المتوترة في الساحة السياسية، يواصل الحزب طريقه بهدوء، مستندًا إلى تجربة متراكمة وإرادة واضحة لصناعة مستقبل يقوم على التفاهم والاستقرار.

 

وهكذا، فإن الحزب الديمقراطي الكردستاني لا يقدم نفسه كقوة انتخابية فحسب، بل كمشروع وطني متوازن يسعى إلى ترسيخ مفاهيم الشراكة والعدالة والتعايش، واضعًا الأساس لمرحلة عراقية جديدة تتجاوز الأزمات نحو بناء الدولة العادلة التي ينشدها الجميع.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة