لحظة من فضلك،،
الشاعر والأديب ناظم رشيد السعدي بين كل خريف وخريف يؤرق ربيعا من الامل…القصيدةالخريف قادمهكذا قال لي العصفوروهو يجمع الأعواد لعشهِ الشتويومعهُ ودَّعتُ اخضرارَ الأشجارِ القريبةَ من شُبّاكي.لم يُؤلمني صوتُ القطارالمارُّ بطرف الغابةِ هذه الليلةكما في كلِّ ليلة.لأني حين رأيتُ حزنَك المرسومَعلى خارطةِ جبينكأدركتُ أنَّ كلَّ الوداع بلا معنىإلّا وداعَك لنفسِكالتي تركتَها على سكةِ الدهشةِوانتظارِ اللاشيءكما أعرف أن كلماتيالتي تُبحرُ بك بعيدًا،لا تنتشلك من هولِ خذلانِ أشرعتكلكننا نقاومُ معًافنَهزم ظلَّ القاراتِ المتراميةببحثِنا عن الشمس.الشاعر والأديب ناظم رشيد السعدي… بين كل خريف وخريف يؤرّق ربيعاً من الأمل..في قصيدته المرهفة، يلامس ناظم رشيد السعدي ذلك الخط الرفيع بين الانكسار والمقاومة، بين وداع الخضرة وبزوغ اليأس، وبين الإيمان الخافت بربيعٍ لا يموت.يبدأ النص بإشارة بسيطة لكنها عميقة: “الخريف قادم”، جملة قالها العصفور وهو يستعد للشتاء، كأنها إنذار وجودي لا فصلي فقط. ومعها، يودّع الشاعر اخضرار الأشجار، صورة لذهاب الحياة وذبول الأمل. لكن رغم هذا الذبول، هناك صوت داخلي لا يزال *”لا يُؤلم”، وصوت القطار لا يوقظ الحزن كما في السابق، لأن حزناً أكبر قد احتل مساحة الوجدان: *وداع الإنسان لذاته*، لا لشخص أو لمكان.الشاعر يختزل في كلماته معنى الخذلان الذاتي، والشتات الداخلي، حيث يترك الإنسان نفسه على “سكة الدهشة”، في انتظار شيء لا يأتي. رغم هذا، لا يتخلى عن اللغة كمقاومة، الكلمات تبحر لكنها لا تنقذ، لكنها تشارك الوجع، وتؤنس الرحلة.وفي نهاية القصيدة، يربط الشاعر بينه وبين المخاطَب بصيغة *”نقاوم معًا”، فيها معنى المشاركة في المعاناة، والبحث المستمر عن شمسٍ ،ربما لا تُرى، لكنها تُرتجى. إنها قصيدة عن الإنسان في مواجهة فقدان المعنى، لكنها في جوهرها تمسك بخيط أمل… أن لا شيء يُهزم بالكامل ما دام الوعي قائماً والبحث مستمراً.ناظم رشيد السعدي، يواصل عبر نصوصه الشعرية نسج خطاب وجودي عاطفي، يُقرب اللغة من القلب دون أن يفرّط بعمقها الفلسفي.