لما مر موسى كريدى بخاطرى اتذكر عفته واباءه وعزة نفسه ، فهو ضرب نادر من الادباء الشامخين ، لايقبل المهادنة والمساومة والمراوغة على مبادئه التى اّمن بها ؛ فقد كانت صفاته تتسم بالشرف العربى لكونه نجفي اصيل –
قبل ان يشتهر أديباً كان مدرساً
تسنم بعبقريته وتفرده السردى رئاسة تحرير الموسوعة الصغيره حتى وفاته
( فى وقتٍ كثر فيه المتزلفين وقناصى الفرص ) وما أكثرهم فى كل زمان –
كل ما اقرأ سردياته بتأنى اكتشف شيئاً
قصة ( الارنب ) التى كتبها وهو فى اوج سطوعه الفنى تمثله خير تمثيل ، بحيث كانت ناضجة فنياً ودلالياً بالشكل والرمز –
ربما فاقت بنجاحها مجموعته الثالثة ( غرف نصف مضاءة ) الصادرة فى بغداد عام 1986 والتى كانت ضمنها كما له ( اوراق ضالة لرحلة قصيرة ) وقصة ( الكلب ) التى كرس فيها معظم المؤثرات الفكرية المبثوثة فى الساحة المقروئة ( حينذاك )-
كريدى لم يكن بعيدا عما يحدث حوله ، فبطله عزيز علوان يبحث عن ظله فى شوارع بغداد وازقتها ومقاهيها ، يتفرس وجوه المارة ويقرأ دواخلهم –
ثم انه يلاحق صديقه الدكتور جلال صابر طبيب الجملة العصبية الذى ضرب معه موعدا فى مقهى السعاده ( يفتقده كلما يلتقيه ) وهى اشارة لموجة العبث واللامعقول التى بدأها صومايل بيكت – فى انتظار كودو – كما هى اشارة للافكار الوجودية ( روكنتان بطل سارتر فى الغثيان ) التى شغلت مثقفى العراق فى عقدى الستينات والسبعينات –
ولا نستبعد اّثار كافكا وبطله كريكورى سامسا – المسخ – وكأن التداعى الحر والمقيد بما فيها شطحات فرجينا وولف كانت جميعها فى سلم تفكيره –